كلمة (سابغات) مقتبسة من خطاب الله تعالى لنبيِّه داود عليه السلام بقوله: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة سبأ: 11]؛ والسابغات هي الدروع الواسعات التامات، وهذا الكتاب يقدِّم لقارئيه دروعًا علمية منهجية سابغة تمكِّنهم - بفضل الله - من التعامل مع الشبهات الفكرية المعاصرة والمتعلِّقة بأصل الإسلام وثوابت الشريعة المتَّفق عليها.
حين يستخرج الأطباء لقاحا من داء معين، فان هذا الاستخراج مسبوق بخطوات في تحديد طبيعة الداء وحقيقته وأسبابه، وهكذا في الأمور الفكرية وفي الظواهر الاجتماعية ،
لا يحسن علاج أي مشكلة ما لم يكن المعالج على دراية بحقيقتها وأسبابها، ومع أن القصد الأكبر في هذا الكتاب: بيان منهجية الوقاية والمعالجة من الشبهات الفكرية،
اقرأ المزيدسأسير في ذكر الشبهات ونقضها على الترتيب السابق عرضه في الخارطة الاجمالية، مع ملاحظة أن المقام في هذا الكتاب مقام اختصار، وليس مقام استقصاء، وتوسع في نقض الشبهات، ومن أراد التوسع فعليه بالمراجع التي أذكرها في أبواب الرد على الشبهات،
النوع الأول ويتفرع إلى أبواب سبق ذكرها، وأول هذه الأبواب: الشبهات حول الإيمان بوجود الله سبحانه وكمال أفعاله.
وقبل الاجابة عن الإشكالات في هذا الباب سأذكر أصلين يرجع إليهما ليكونا منطلقين للإجابة عن الاعتراضات.
تدل الفطرة البشرية على وجود الخالق سبحانه وتعالى من ثلاث جهات
وهذا الدليل متوجه الى الأشياء الحادثة، فكلما هو حادث فإن العقل يدعو ضرورة إلى البحث عمن أحدثه.
بعد أن استدل العقل على وجود الخالق سبحانه بحدوث المخلوقات، فإن هاهنا دليلا آخر، يزيد الأمر جلاء، ويقطع كل ريب، ويذهب كل شك.
أن هناك معارف أولية ضرورية حاصلة لكل البشر، لم يتعلموها في مدرسة، ولم يتلقونها في جامعة، وإنما ولدت معهم، وغرزت في عقولهم، كمعرفة أن الحادث لا بد له من محدث، وأن الجزء أصغر من الكل، وهذه المعارف ستدل بها على وجود الله سبحانه
يميل كثير من الناس عند تحليله لمشكلة أو ظاهرة اجتماعية إلى اختزال أسبابها، والحكم عليها بناء على ما يمليه طرف الذهن وحديث المجالس، وحين يطرح سؤال: لماذا يلحد بعض شبابنا؟ أو ينكرون السنة؟